أرشيف المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 1 يناير 2014

علم النفس - Psychology

علم النفس .
مدخل إلى علم النفس
تعريف علم النفس :
     هو العلم الذي يبحث في كل ما يصدر عن الإنسان من نشاط عقلي كالتذكر والتفكير والتخيل أو التصور وكل ما يشعر به من انفعالات كالفرح والحزن والخوف والغضب وكل ما يريده ويميل إليه من هذا ينضح أن علم النفس يدرس ثلاثة أوجه من النشاط الإنساني وهي النشاط العقلي والانفعالي ثم اللفظي والحركي . إذن فهو العلم الذي يدرس الظواهر السيكولوجية أو وقائع "الأنا" أو النفس والقوانين التي تحكمها وتخضع للملاحظة الداخلية والخارجية . أو هو العلم الذي يدرس السلوك الإنساني بمظاهره الداخلية والخارجية .مستهدفاً في ذلك فهم السلوك الإنساني وتفسيره وهو الجانب النظري لعلم النفس العام وهو جمع وقائع وصياغة مبادئ عامة وقوانين يمكن بها فهم السلوك الإنساني وتفسيره وفهم الدوافع التي تحركنا وتحرك غيرنا من الناس . وهذا الفهم يقودنا إلى هذا التنبؤ بما  سيكون عليه السلوك الإنساني وذلك بناء على فهمنا للظاهرة النفسية ومعرفة أسبابها وخصائصها لذا نتنبأ بحدوثها . وأخيراً تهدف دراسة علم النفس إلى ضبط السلوك الإنساني والتحكم فيه .
     وعلم النفس كغيره من العلوم الوصفية الأخرى يدرس ما هو كائن لا ما ينبغي أن يكون . يدرس ما هو دافع لا ما هو واجب . ولعلم النفس صلات وثيقة بعلم الأحياء وعلم الفسيولوجي وعلم الاجتماع لأن سلوكنا يتوقف إلى حد كبير على تكويننا البيولوجيا (من جسم وأعضاء وغدد) وعلى ما ورثناه عن إستعددات فطرية . كما يجب ألا ننسى ما للمجتمع والثقافة السائدة فيه من أثر عميق في شخصية الفرد وتفكيره وسلوكه ...
فروع وميادين علم النفس :
     رغم أن علم النفس علم حديث فقد نما نمواً سريعاً وتعددت مجالاته فأصبح علماً يتبع المنهج العلمي كغيره من العلوم للوصول إلى قوانينه . ولما بدأ انطلاقاته العلمية كدراسة للسلوك الإنساني كان لابد لدراسة السلوك دراسة علمية في مجالات مختلفة . ومن أهم فروع علم النفس ما يلي :- <script async src="//pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js"></script>
<!-- programsandtechnology_main_Blog1_300x250_as -->
<ins class="adsbygoogle"
     style="display:inline-block;width:300px;height:250px"
     data-ad-client="ca-pub-9467023264762081"
     data-ad-slot="3232767857"></ins>
<script>
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
</script>



<script async src="//pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js"></script>
<!-- programsandtechnology_sidebar-right-1_AdSense1_160x600_as -->
<ins class="adsbygoogle"
     style="display:inline-block;width:160px;height:600px"
     data-ad-client="ca-pub-9467023264762081"
     data-ad-slot="4709501052"></ins>
<script>
(adsbygoogle = window.adsbygoogle || []).push({});
</script>
1- علم النفس العام general poychology ويهدف إلى الكشف عن المبادئ والقوانين العامة التي تفسر السلوك الإنساني بوجه عام .
2- علم النفس الفسيولوجي phyciological poychology ويدرس الظاهر النفسية من حيث صلتها بوظائف الأعضاء وبالجهاز العصبي والغدي بوجه خاص .
3-علم النفس الاجتماعي social poychology ويقوم بدراسة مظاهر سلوك الفرد وخبراته من ناحية تأثيرها وتأثرها بالواقف الاجتماعية وهو مدين لعلم النفس وعلم الاجتماع معاً .
4- علم النفس المرضي pothiological poychology ويدرس الوظائف النفسية عن طريق ملاحظة السمات غير السوية أو الشاذة alnorinal لدى المصابين بالجنون أو العصاب أو كلاهما .
5- علم النفس الإرتقائي أو النمو develogintinal poychology ويدرس مراحل النمو المختلفة التي يجتازها الفرد في حياته والخصائص السيكولوجية لكل مرحلة ومن فروعه سيكولوجية الرضاعة والطفولة والبلوغ والمراهقة والرشد والشيخوخة .
مظاهر الشعور :
      هناك ثلاثة مظاهر للشعور هي الإدراك والوجدان والنزوع فأنت إذا ما قابلت صديقاً عزيزاً لديك تعرفه (إدراك) ثم تسر لمقابلته (وجدان) فتعانقه وتصافحه (نزوع) ومظاهر الشعور تتميز بما يلي :
1- تداخل مظاهر الشعور الثلاثة معاً بصورة يصعب معها تتابعها كما أنها ليس من الضروري أن تأتي بنفس الترتيب فقد يسبق النزوع الوجدان مثال ذهابك لمشاهدة مسرحية معينة (نزوع) ثم تسر بها (وجدان) .
2- غالباً ما يغلب أحد هذه المظاهر على المظهرين الآخرين .
3- وفقاً لتقسيم مظاهر الشعور ينقسم الناس إلى ثلاثة أنماط النمط الأول وتغلب علي حياتهم الناحية الإدراكية مثال العلماء والمفكرين والنمط الثاني وتغلب على حياتهم الناحية الوجدانية أمثال الشعراء والفنانين والنمط الثالث ويغلب على حياتهم الجانب النزوعي والعملي أمثال التجار ورجال الأعمال .


درجات الشعور
     إن شعور الإنسان بموضوع معين يختلف باختلاف درجة تركيزه وانتباهه لهذا الموضوع ودرجات الشعور هي :
أولاً : بؤرة الشعور وهي شدة درجة تركيز الانتباه في موضوع معين .
ثانياً : هامش الشعور . وهي انتباه الإنسان إلى موضوعات أخرى غير الموضوع الأساسي الذي يركز فيه
ثالثاً : اللاشعور : وهو مخزن وأرشيف الذكريات أو المشاعر المؤلمة عند الإنسان . ويمكن تصنيفها إلى قسمين :
أ- عناصر لا شعورية يسهل استرجاعها وتذكرها مثال الخبرات السارة السابقة .
ب- عناصر لا شعورية يصعب استرجاعه إلا بطرق خاصة منها الرغبات المكبوتة والذكريات المحزنة والمؤلمة وهي تحاول أن تفصح عن نفسها بطرق  كالأحلام وفلتات اللسان وزلات القلم .
الدوافع motiner
      إن كل سلوك يقوم به الفرد له دافع معين يكمن وراءه ويحدد له الهدف الذي يرمي إليه ويمكن القول بأن الدافع هو العامل الأساسي المسيطر على السلوك . فالحاجة need الناشئة من داخل الكائن الحي الذي تدفعه إلى النشاط ووجود هذه الحاجة يسبب توتراً نفسياً وينشئ عنه أن يظن الفرد في حالة نشاط حتى تشبع هذه الحاجة فنزول التوتر عند الفرد فالدافع هو كل ما يدفع السلوك ذهنياً كان هذا السلوك أم حركياً . لذا فإن موضوع الدوافع يتصل بجميع الموضوعات التي يدرسها علم النفس إذ لا  سلوك بدون دافع فهو وثيق الصلة بعمليات الانتباه والإدراك الحسي والعقلي والتذكر والتخيل . كما أنه يمس موضوعات الإرادة والضمير وتكوين الشخصية بطريقة مباشرة . ولو أحبطت أو أعيقت دوافع الفرد ولم تعبر عن نفسها بصورة موصولة اهتزت صحة الفرد النفسية واضطربت .
     فالدافع بوجه عام هو الطاقة الكامنة في الكائن الحي والتي تدفعه لأن يسلك سلوكاً معيناً في العالم الخارجي وهذه الطاقة هي التي ترسم للكائن الحي أهدافه وغاياته وتساعده على تحقيق أحسن تكيف ممن في البيئة الخارجية . والأصل في الدافع أن يكون كامناً غير شعور به حتى يجد من الظروف ما ينشطه ويثيره . والمنبه أو المثير داخلياً كان أم خارجياً هو الذي يحيل الواقع من حالة الكمون إلى حالة النشاط وعلى هذا النحو يمكن وصف مسيرة الدوافع بالصورة الآتية : مثير stinalice أو منبه توتر tanion سلوك موجه ثم غاية ترضي الدوافع فيزول التوتر وينتهي السلوك .
أهمية دراسة الدوافع
     لدراسة دوافع السلوك أهمية خاصة في زيادة فهم الإنسان لنفسه ولغيره من الناس . فأن معرفتنا لأنفسنا تزداد كثيراً إذا عرفنا الدوافع المختلفة التي تحركنا وتدفعنا للقيام بتصرفات معينة في الظروف والمواقف المختلفة . كما أن معرفتنا بالدوافع التي تحرك الآخرين إلى القيام بما يقومون من تصرفات تجعلنا اقدر على فهم تصرفاتهم وتفسيرها . ولدراسة الدوافع أهمية خاصة في ميادين التربية والتعليم والبحث الجنائي والعلاج النفسي .
تصنيف الدوافع .
     عندما يحاول الباحث في علم البحث تصنيف الدوافع فأنه يقابل تعدداً قي الأسس التي يمكن أن يبنى عليها هذا التصنيف . فيمكن تصنيف الدوافع على أساس الوراثة والبيئة إلى دوافع فطرية عضوية ونفسية ودوافع مكتسبة ثانوية اجتماعية . ويمكن تصنيفها على أساس إدراك الكائن الحي بها إلى دوافع شعورية ولا شعورية .
أولاً : الدافع الشعوري واللاشعوري .
      الدافع الشعوري هو الذي يدرك الإنسان وجوده ويشعر به ويمكن تحديده وصياغته بألفاظ . إلا أن الإنسان قد لا يفطن إلى حقيقة ما يحفزه من دوافع ، ولا يكون شاعراً بها شعوراً واضحاً . فكم من والد لم يستطيع في شبابه أن يلتحق بمهنة يهواها فيدفع أبنه مكرهاً إلى الالتحاق بها بحجة مستقبلها الباهر وهو لا يشعر أنه يحاول أن يحقق في أبنه ما لم يحققه في نفسه . ومن العوامل التي تجعل الدافع الحقيقي أمراً عسيراً بل أمراً مستحيلاً في بعض الأحوال ما يلي :
1- أن يكون الدافع مما لا ترتضيه الذات الشاعرة فلا تريد أن تعرفه أو تعترف به فكم من مراهق لا  يشعر بأن انحرافه وميله إلى العدوان يكمن وراء شعوره بالنقص أو الدونية sely ligenionety .
2- قد يكون الدافع رغبة مكبوتة ترسبت في اللاشعور منذ عهد الطفولة أو حرماناً من إشباع حاجة أساسية من حب وعطف في الطفولة neelon Aggection .
3- قد يكون الدافع مندمجاً مع غيره من الدوافع بصورة لا يسهل معها فصله أو تحليله كالدافع إلى السيطرة عندما يكون ملتحماً مع الدافع إلى الإحسان أو الحب عندما يندمج مع الدافع الجنسي .
ثانياً :الدوافع الفطرية والمكتسبة .
أ-الدوافع الفطرية العضوية : وهي مجموعة من التكوينات الجسمية النفسية تتيح لصاحبها أن يستجيب لمجموعة معينة من المواقف وأن يتفاعل معها ويمارس نشاطاً انفعاليا . وهذا النشاط يوجه السلوك وجهة معينة للتغلب على حالة التوتر الموجودة عند الكائن الحي وتحقق له التوازن ويشترك الإنسان مع الحيوان في عدة دوافع عضوية فطرية تسمى بالدوافع الفسيولوجية لأن مثيراتها عصبية أو غدية أو كيميائية وهي تتصل بباقي النوع أو بقاء الفرد وتتفاوت الأغراض التي تتطلب الدوافع العضوية تحقيقها من حيث أهميتها لحفظ حياة الفرد ومن حيث قدرة الفرد على تحملها ويعتبر دافع العطش هو أقوى هذه الدوافع يليه دافع العطش ثم الدافع الجنسي .
خصائص الدوافع العضوية :
     بجانب أن هذه الدوافع فطرية فهي تتميز بما يلي :
1- العمومية : حيث يشترك فيها جميع أفراد الكائنات الحية .
2- العماء : أي أنها تدفع الكائن الحي إلى إشباع الدافع دون ضرورة تحقيق الغرض منه مثال النحلة التي تفرز العسل بدافع غريزي في خلية مثقوبة .
3- الثبات : أي أن هذه الدوافع العضوية دائمة لا يمكن زوالها طالما أن الكائن على قيد الحياة .
4- الظهور على مراحل : فعلى الرغم من أن الدوافع العضوية فطرية إلا أنها تظهر على مراحل فهي لا تظهر دفعة واحدة بل على مراحل مثال الدافع الجنسي الذي لا يظهر الإحساس به إلا في سن البلوغ .
5- القابلية للتعديل : فعلى الرغم من أنها ثابتة إلا أنه يمكن تعديل الدافع عند الإنسان . فمثلاً يمكن تعديل الدافع الجنسي بأحدي صورتين :
 أ- الإعلاء والتسامي : وهو السمو بالدافع الجنسي إلى المشروع وهو الزواج .
ب- الإدراك : وهو تحويل الدافع أو الطاقة الجنسية إلى أنواع معينة من الأنشطة كالرياضة البدنية مثلاً .
6- أن مظاهر الشعور الثلاثة وهي الإدراك والوجدان والنزوع واضحة في كل سلوك يحقق الدافع العضوي .
ب- الدوافع الجنسية : الانفعالات Emotiono .
     يستخدم بعض علماء النفس اصطلاح الانفعال Emotiono بمعنى واسع ليشمل جميع الحالات الوجدانية رفيعها وغليظها . وبذلك يجمعون بين الخوف والغضب والفرح والحزن وبين ذلك الشعور الهادئ الذي يجده الإنسان في نفسه أثناء تأمله منظراً جميلاً . ويختلف السيكولوجيون في وصف ظاهرة الهيجان أو الانفعال وتفسيرها لكنهم يتفقون على اعتبارها حالة وجدانية ثائرة ومعقدة من حالات الكائن الحي . فالانفعال حالة من الاحتياج أو الاضطراب تتميز بشعور قوي دوافع نحو صيغة محددة من صيغ السلوك .
     فلكل مظاهر سيكولوجية أركان ثلاثة : المنبه الكائن الحي والاستجابة . وباختلاف هذه الأركان الثلاثة تختلف كل ظاهرة عن غيرها . وهذه الأركان تتميز بما يلي :
1- المنبه أو المثير : وقد يكون خارجياً كالدوي المفاجئ أو خبر مفاجئ ساراً كان أو مكرراً أو عقبة غير منتظرة تعوق تحقيق رغبة قوية .. أي أن المنبه كان ما يهدد من الخارج شخصيتنا المادية أو المعنوية ... وقد يكون المنبه داخلياً كاستعادة خبرة أو ذكرى سابقة أو تأملات حاضرة لها شحنة وجدانية قوية أو توهم أمور مستقبلة نخشى وقوعها أو نرجوها .
2- الكائن الحي : وهو العامل الأساسي في الانفعال إذ أن قدرة المنبه أو المثير على إثارة الانفعال تتوقف على حالة الكائن الحي الراهنة من توتر أو ارتخاء من استعداد أو عدمه من صحة أو مرض من اتجاهات وجدانية أو عاطفية . كما تتوقف على تجاربه وخبراته السابقة ونوع استعداداته أي على الشخصيات بأكملها.
3- الاستجابة Reoponoe ولها وجهتان : الوجهة الشعورية أو كيفية التجربة كما يشعر بها الفرد المنفعل ، والوجهة السيكولوجية الخارجية ولها أيضاً وجهتان الخارجية منها وهي الحركات الصادرة عن الجسم والأوضاع التي يتخذها أو بعبارة أخرى مجموع التعبيرات الحركية من ألفاظ وإيحاءات والتفاتات وحركات مقصودة موجهة أو غير مقصودة مضطربة . ثم الوجهة الداخلية وهي الاضطرابات الفسيولوجية الداخلية الناشئة عن تنشيط Stionlation الجهاز العصبي بطريقة تعسفية قهرية .
     يعطينا هذا الجدول فكرة عن تعقيد الانفعال وعن صعوبة دراسته وعن تضارب النظريات بصدد تأويل نتائج التجارب . وترجع هذه الصعوبة إلى أمرين : أولهما عجز الشخص المنفعل عن أن يعبر بوضوح عن تجربته الشعورية أثناء الانفعال . لأن من آثار الانفعال أنه يعوق عمل المراكز العصبية الموجودة في اللحاء . كما يضطرب نظام الحكم عندما  تقتحمه آثار الثورة الداخلية . وثانيهما : جهلنا بالعوامل العصبية والعضوية التي تشترك في إحداث الانفعال . فكل ما تطلعنا عليه الطرق التجريبية لقياس مظاهر الانفعال الفسيولوجية هو أن هناك انفعال .
     وأوفى دليل على الوقوف على نوع الانفعال هو النظر إلى طبيعة الموقف الذي أثار الانفعال ثم في الحركات التعبيرية سواء كانت منعكسة أو إرادية ثم أخيراً في سائر التغييرات العضوية ومن التعبيرات الفسيولوجية نذكر ما يلي :
1- التغييرات المنعكسة التي تعتري الجهاز العضلي الإرادي : مثل تقوس ظهر القط في حالة الخوف خلف التغييرات العضلية عند الإنسان البكاء والصراخ والابتسام والضحك . ويزداد الجهاز العصبي توتراً في حالة الفرح وينقص في حالة الحزن وتتحول التغييرات المنعكسة إلى إرادية تحت تأثير المحاكاة والبيئة الاجتماعية فكثيراً ما نتصنع حركات الحزن أو الفرح وأوضاعها تبعاً للمناسبات .
2- التغييرات المنعكسة التي تعتري الغدد القناة Exovrine Gloedia :حيث تنشط الغدد المثيرة للدموع في الحزن وتكف الغدد اللعابية عن العمل في الخوف . وتنشط عادة الغدد المفرزة للعرق في معظم الأحوال الانفعالية . وهناك ما يعتري العضلات من انبساط وتقلص كانقباض حدقة العين أو وقوف الشعر أو ارتخاء بعض العضلات الدائرية العاصرة كالتي تحيط بعنق المثانة .
3- اضطراب التنفس : إذ ينقطع برهة من الزمن في حالات الدهشة ويصبح اختلاجيا منقطعاً أثناء الضحك والبكاء .
4- إفراز الغدد الصماء إذ تقول نظرية الطوارئ         Emergencd  Theory بأن إدراك الوقف المثير للإنفعال (الخوف والغضب) يؤدي إلى تنشيط إفراز كمية كبيرة من الأدرينالين ومن أثر وجوده تعبئة كمية كبيرة من الطاقة العضوية . فيزداد إنتاج الكبد للسكر الذي يغذي العضلات ويزيد من نشاطها فتزول أثار التعب بسرعة . ومن أثار الإدرينالين زيادة قدرة على التحثر :التجمد" يحول ذلك دون النزيف . كما أن هناك تغيرات في درجة حموضة الدم واللعاب ويقال أن لعاب بعض الحيوانات يصبح ساماً لأعدائها في حالتي الغضب والخوف . إذاً نظرية الطوارئ بأن الانفعال هو رد فعل طبيعي يصدر عن الفرد بأسره لمواجهة الطوارئ وإعداده للهرب والقتال .
أنواع الانفعالات :
أ- انفعال أولي بسيط مثل انفعالات الخوف والغضب فالانفعال كدافع أولي يساعد الإنسان على حفظ نفسه وحفظ نوعه مثال الخوف الذي لولاه لما استطاع الإنسان أن يهرب من خطر معين .
ب- انفعال مركب وهو يتكون من أكثر من انفعال أولي واحد مثال انفعال الرهبة الذي يتكون من الخوف والإعجاب ثم انفعال القلق الذي يتكون من انفعالات الخوف والتوتر والانقباض ثم انفعال الغيرة التي تشتمل على التملك والأنانية والخوف والغضب والكراهية .
الحصار أو القلق       Anxiety
      إن القلق انفعال مركب حيث يكون مزيجاً من عدة انفعالات أولية بسيطة كالخوف والاضطراب والتوتر والانقباض وتوقع الشر . فهو عبارة عن حالة انفعالية وجدانية معتمدة مزمنة تعتري الفرد وتنطوي علي عنصر أساسي هو التوجس والفزع والخوف وإحساس الإنسان بالضيق وعدم الرضا بصفة عامة .... وبعبارة أخرى القلق  هو اضطراب الذهن وبلبلة الأفكار . فهو اشد حالات عدم الاستقرار وهو ينزع إلى الاستمرار إذ يبقى ويدوم أكثر من الخوف العادي . لأن الخوف متى انطلق في سلوك مناسب كالهرب استعاد الفرد توازنه وزال خوفه . أما القلق فيبقى لأنه خوف معتقل لا يجد متصرفاً .
أنواع القلق :
أولاً : القلق الموضوعي العادي : وفيه يكون مثير الخوف خارجياً كخوفنا من موت عزيز لدينا أو خوف الأم على ابنها الغائب . فالخوف في هذه الحالات له ما يبرره . لكنه ليس خوفاً بالمعنى الدقيق لأن الفرد لا يستطيع أن يفعل حياله شيئاً .
ثانياً : القلق الذاتي : وهو القلق الهستيري Hyotorical Anvicty حيث يكون مصدر الخوف داخلياً من الفرد ذاته وتظهر أعراضه من خلال الهلوسات Hollucinationo والوساوس والتبرم والضيق المتواصل فهو خائف من ضميره إن أخطأ أو اعتزم القيام بعمل غير صالح . ويخاف من فقدان السيطرة على دوافعه المحظورة الجنسية أو العدوانية منها .. حيث تلح بالإشباع لكن الإنسان لا يستطيع أن يهرب من نفسه ومن هنا يندلع القلق .
ثالثاً : الحصار أو القلق العصابي Neurotic Anxicty . وهو قلق لا يكون سبب الخوف ذاتياً فقط بل فوق ذلك لا شعورياً مكبوتاً . فهو أشد أنواع القلق . حيث يكون الفرد في حالة خوف لا يعرف له أصل ولا سبب ولا يمكن إسناده إلى موضوع معين أو مبرر موضوعي أو مصدر صريح وواضح فهو خوف أسبابه لا شعورية مكبوتة . لذلك فقد أصبح بالنسبة للفرد قلقاً متسلطاً Oloeadive Anxicty . وبما أنه خوف غير ذي موضوع لذا فهو يبدو في صورة توجس هائم طليق لذا أطلق عليه القلق الهائم على غير هوى  Free Flooting Anxicty . حيث نرى الفرد هنا خائف من كل شيء ومن لا شيء ومن كل مصدر فإن سافر قدر أن القطار سيصطدم طوال رحلته . وإذا رأى سيارة المطافي مسرعة فهي لابد ذاهبة إلى منزله .
مظاهر القلق وأعراضه :
أولاً : من الناحية الجسمية :
      إن من الأعراض الظاهرة جداً والتي يمكن عن طريقها اكتشاف القلق في السن المبكرة هي قطم الأظافر والتنهدات الطويلة والشعور بالإرهاق المتواصل . هذا عدا بعض الحركات العصبية كهز الأرجل وبعض اللزمات المصاحبة للسلوك . ومن الاضطرابات الفسيولوجية سوء الهضم وتشنج العضلات وأوعية الدم والصداع الذي قد لا نجد له سبب وظيفي أو عضوي وآلام الأمعاء والمعدة وفقدان الشهية وحموضة المعدة . هذا بالإضافة إلى زيادة اضطرابات الليل حيث التقلب المتواصل في الفراش دون استغراق في النوم كما يقول أيوب "الليل يطول واشبع قلقاً حتى الصبح" (أي 7: 4) .
ثانياً : من الناحية النفسية :
      إن التوتر والقلق يبددان الانتباه ويؤديا إلى عدم القدرة على مواصلة التفكير أو التركيز العقلي ومن المظاهر النفسية أيضاً الحساسية المفرطة Sensibility خاصة في مواقف النقد والإحباط حيث يشعر المريض بشيء من الكراهية والإذلال أو فقدان العطف فستجيب للمواقف بصورة شاذة وقد تظهر عليه بعض المواقف الطفلية – كالنكوص- ومظاهر عدم النضج مثال الأنانية والغيرة والتناقض الوجداني وهو عدم استقرار المشاعر الانفعالية Cyclothemic ، وفقدان الثقة بالنفس وعدم التحمس والإحساس بطعم الحياة والتبلد والخمول لما يعاني من صراعات أو شعور بالتشاؤم والاغتمام والإحساس المتطرف بالمسئولية بمعنى جدية الاتجاه إزاء أي عمل هاماً كان أو تافهاً ، هذا بالإضافة إلى عدم الاستقرار العاطفي بسبب مقارنته لنفسه دائماً بالآخرين .
      ومن أهم عوامل القلق النفسية أنه نتيجة مشاعر عدم توافق الفرد بسبب مشاعر النقص التي ترجع إلى الطفولة المبكرة حيث كان الفرد موضوع لوم وإدانة ونقد متواصل في معظم مواقف حياته الطفولية بل وكان موضوع مقارنة مع من هم أفضل منه جسمياً وعقلياً واجتماعياً . ثم هناك مشاعر الذنب المكبوتة التي سببت للفرد انزعاجاً حيث أصبح الفرد فريسة الصراع النفسي الناتج عن رغبة الفرد وحاجته إلى القبول الاجتماعي Social Acceptance .
ج- الدوافع الثانوية المكتسبة :
      هي دوافع شعورية مكتسبة وهي ضرورية لسعادة الفرد وأمنه فإحباطها نير في نفسه القلق ويؤدي إلى كثير من اضطرابات الشخصية وهي حاجات تنشأ في أحضان الأسرة . وهي غير محددة العدد وتختلف باختلاف المكان والزمان ومن بيئة إلى أخرى ومن إنسان إلى آخر بل هي تتغير بالنسبة لنفس الإنسان من وقت إلى آخر ومن أمثلتها دوافع السيطرة والتملك والمقاتلة والحاجة إلى الأمن النفسي والانتماء إلى آخر .
ومن الدوافع الثانوية أيضاً الميول الاجتماعية والعادات والعواطف .
أولاً : الميول الاجتماعية :
       والقصد منها هو تحقيق التوافق أو التكيف بين الأفراد والجماعة التي يعيش وسطها الفرد ومن أهم الميول الاجتماعية الاستهواء . المشاركة الوجدانية والتقليد وهي تتقابل مع مظاهر الشعور الثلاثة .
أ-الاستهواء أو الإيحاء : وهو ميل ثانوي اجتماعي حيث يميل الفرد للتأثر بما يقوله الغير بشكل عام وهو يتصل بالجانب الإدراكي . ومن عوامل نجاح الاستهواء ما يلي : -
     جهل المستمع وصغر سنه . بساطة مركزه الاجتماعي . انخفاض ذكاء المستمع . ضعف شخصيته بالنسبة للمتكلم . حالة المستمع الجسمانية فالمريض هو أكثر ميلاً للاستهواء . تكرار الفكرة الموحى بها . هذا ويستخدم في العلاج النفسي وتربية الأطفال وأعمال الدعاية والإعلان بشأن
ب- المشاركة الوجدانية أو "التعاطف" : وهو ميل الفرد إلى مشاركة غيره في انفعالاته وعواطفه وهي متصلة بالجانب الوجداني . والتجربة السابقة تساعد على نجاح المشاركة الوجدانية فالمرأة الحزينة مثلاً تكون أكثر ميلاً للتعاطف مع امرأة فقدت وحيدها .
ج- التقليد : وهو ميل الفرد إلى تقليد حركات الغير وتصرفاته فهو متصل بالجانب النزوعي العملي ومن عوامل نجاح التقليد : توافر الرغبة فيه وتوافر الإعجاب بالسلوك الذي يقلده الفرد والقدرة على التقليد .
ثانياً العواطف والعادات .
تعريف العادة : هي إشباع أحدى رغباتنا بنوع من السلوك المتكرر وتكرار هذا السلوك يكون بدافع اللذة لذلك نميل إلى هذا السلوك إلى أن يصبح عادة . إذن فالعادة هي ميل ثانوي مكتسب لأداء السلوك على نحو آلي . وهناك مرحلة لتكوين العادة . حيث يكون الأداء صعباً ويتطلب تركيز الانتباه والجهد وتكثر مرات المحاولة والخطأ ثم تأتي مرحلة الثبات وفيها يصبح الأداء أقرب إلى السلوك الآلي بحيث يؤدى بسرعة ومهارة وإتقان وبغير انتباه أو جهد وفي مرحلة التوين يكون الأداء في بؤرة الشعور أما في مرحلة الثبات فيكون الأداء في هامش الشعور بحيث يستطيع الفر أن يؤدي عملاً آخر معه .
ومن أنواع العادات
1-عادة حركية : منها بعض الحركات الجسمية كوضع ساق على أخرى أثناء الجلوس وبعض الحركات العصبية الملازمة لسلوك الإنسان "اللازمة" .
2- عادة عقلية : وأبرزها نوع التفكير الذي يسيطر على الإنسان وعقليته فالبعض يتعود على تفسير الأمور والظواهر الطبيعية والاجتماعية تفسيراً غيبياً والآخر اعتاد على تفسيرها تفسيراً دينياً والآخر فلسفياً أو علمياً .
3- عادة وجدانية (العاطفة) .
      وهي عبارة عن ميل ثانوي مكتسب وهي ميل وجداني يتجه نحو موضوع أو شيء معين فقد تتجه العاطفة نحو جماد أو حيوان أو إنسان أو فكرة أو ذكرى لها تقدير معين في عقولنا غير أن العاطفة هي حالة وجدانية هادئة ومستمرة بخلان الانفعال الذي هو حالة وجدانية ثائرة ومؤقتة .
الشخصية
      يعتبر مفهوم الشخصية من أكثر مفاهيم علم النفس تعقيداً وتركيباً . فهو يشمل كافة الصفات الجسمية والعقلية والوجدانية والخلقية في تفاعلها مع بعضها البعض وفي تكاملها في شخص معين يتفاعل مع بيئة اجتماعية معينة . ويرجع أصل مصطلح "الشخصية" Personality في اللغة الانجليزية إلى الكلمة اللاتينية Persona ومعناها الوجه المستعار أو القناع الذي يضعه الممثل على وجهه لتشخيص خلق الشخص الذي يقوم بدور من أدوار المسرحية . فهو بمثابة عنوان طباع الشخص ومزاجه الخلقي . وكلمة "شخص" في اللغة العربية تعني نظر إلى أو حضر أمام وشخص بمعنى عيٌن شخٌص المرض أو شخٌص الدور . ويحمل تعبير الشخصية معانِ متعددة فهو مفهوم معقد ويتغير وقد أحصى العالم البورت Alport أكثر من خمسين تعريف للشخصية .
تعريف البورت للشخصية
     هي ذلك التنظيم الديناميكي في الفرد لجميع التكوينات الجسمية النفسية الذي يميز كل فرد عن غيره من الناس ويوجه سلوكه ويحدد فاعليته وقدرته على التكيف وهي من نتاج التفاعل المستمر بين بعض العوامل الوراثية والبيئية التي تؤثر على الفرد منذ نشأته وفي مختلف مراحل حياته .
نظريات الشخصية .
      اهتم الإنسان قديماً بدراسة الشخصية ووضع علماء النفس العديد من النظريات التي تفسر الشخصية ولعل أكثر التصنيفات المتعلقة بالشخصية شيوعاً هي تصنيفها في مجموعتين :
أولاً : المجموعة التي تضم نظريات تقسم الشخصية إلى أنماط أو طراز Patina تقوم على أسس جسمية أو عقلية أو مزاجية متنوعة . وهي بصفة عامة تهدف إلى تقسيم الأفراد إلى فئات يطلق على كل منها اسم ، وتصنف كل فئة بعدد من الصفات الجسمية أو العقلية أو المزاجية كلها مجتمعة معاً .
ثانياً : مجموعة النظريات التي تتكون من عدة من العوامل أو الصفات أو السمات Trait فإن كل شخص يحمل من بين كل صفة من هذه الصفات قدراً كبيراً أو ضئيلاً ومن مجموعة هذه الصفات ودرجة وجودها عند الفرد تستطيع أن تكون البيروفيل profile السيكولوجي أو النواحي النفسية والعقلية المتعددة بالنسبة لعقليته وشخصيته .
أولاً : نظريات الأنماط Types .
      تعتبر النظريات التي تقسم الناس إلى أنماط متباينة يتميز كل نمط منها بمجموعة من الصفات من أقدم النظريات التي عرضها الفكر الإنساني فيما يتعلق بالشخصية . وهذه النظريات تحاول أن تحصر  أنواع الشخصية في عدد من الأنماط قد يكون أساس تقسيمها هو العامل الجسمي أو العقلي أو الانفعالي أو الخوف التي مر بها الفرد . ولعل أول محاولة من هذا النوع هي محاولة الطبيب اليوناني "ابقراط" في القرن الخامس عشر قبل الميلاد . حيث قسم الشخصية إلى أربعة أنما أو أنواع من الأمزجة ناسباً كل نمط من الأنماط أو مزاج منها إلى واحد من الأخلاط أو إلى رطوبة معينة تخالط البدن : الدم البلغم الصفراء السوداء .... والأنماط الأربعة هي :
المزاج الدموي Sanguine حيث يتميز صاحبه بالتفاؤل وسرعة التبول وقابلية التغيير والتحرر من تحمل الأعباء . والعواطف الضحلة التي لا تغور إلى أعماق النفس السحيقة .
المزاج البلغي Phlegmatic ويتميز صاحبه بتبلد المشاعر وقلة الانفعال وعدم الاكتراث بالإضافة إلى البرود العاطفي .
المزاج الصفراوي Choleric ويتميز بسرعة الرد الانفعالي والغضب وهذه العاطفة في استجابات المرء للعالم الخارجي .
المزاج السوداوي Melancholic وهي الشخصية المنطوية المكتئبة والنظرة السوداء وانعدام الاهتمام بالعالم الخارجي - وقد قال ابقراط بأن توازن هذه الأمزجة في الإنسان يؤدي إلى صحة الجسم والنفس .
نظريات الأنماط التي تقوم على أسس وعوامل جسمية :
      نادى بهذه النظرية الطبيب النفساني كرتشمر سنة 1940 م الذي اهتم بملاحظة مرضاه الذين يعانون من حالات الفصام Schigophienia فوجد أنهم ينطوون على أنفسهم ويعيشون بمعزل عن الواقع ويميلون إلى الطول والنحافة وقد قسم الناس إلى نمطين :
النمط الأول : شخصية ذات نمط أو مزاج دوري سويعاتي Cyclothemic أو المتقلب الأطوار ويرتبط بالتكوين الجسمي القصير المكتز ذي الوجه الممتلئ المستدير . ويتميز الفرد الذي يدخل ضمن هذا النمط بسرعة التقلب الوجداني بين الابتهاج والاكتئاب ويفصح عن انفعالات بلا حرج اجتماعي . منفع دافعي كثير التأمل الذاتي متسامح .
والنمط الثاني : شخصية ذات نمط فصامي Schigoide وهو تركيب عقلي يتميز صاحبه بالميل إلى الوحدة والانطواء على الذات والاستغراق في أحلام اليقظة Day Dreams والتخيلات بالإضافة إلى أنه أكثر استقرارا في مزاجه حيث يجد صعوبة في التعبير عن انفعالاته ومثالياً مكتفياً بذاته ، غير متسامح يعيش في عالم خاص به ومن نسيج خياله  .
نظريات الأنماط التي تعتمد على أسس نفسية :
 نظرية "يونج" Yung : وهو عالم سويسري قسم الشخصية إلى نمطين رئيسيتين وفقاً لما يكون عليه الفرد من اتجاه أساسي بوجه نحو "الداخل" أو نحو "الخارج" وهذين النمطين هما :
النمط المنطوي Imtrovent .
     وهو الشخص الذي يفضل العزلة وعدم الاختلاط وتحاشي الصلات الاجتماعية . وتؤدي العوامل الذاتية أهم دور في توجيه سلوكه . وهو دائم التفكير في نفسه . يخضع سلوكه لمبادئ مطلقة وقوانين صارمة دون مراعاة للظروف وبلا مرونة . تعوزه القدرة على التكيف السريع أو التوافق الاجتماعي . كثير الشك في نيات الناس ودوافعهم . يحقق توافقه عن طريق التكوص والخيال والوهم. مسرف في ملاحظة صحته وعلاج أمراضه ومظهره الشخصي .
النمط المنبسط Extiavert .
    وهو يتميز بالنشاط والميل إلي مشاركة الناس في نشاطهم وأعماله . لا يهتم بصحته أو مرضه كثيراً . قادر على الملائمة والتكيف بسرعة بينه وبين المواقف الجديدة . وهو يختلف عن المنطوي بأنه يعتمد على العوامل الخارجية في توجيه سلوكه . يقبل على الدنيا في حيوية وصراحة ويكون صداقات بسرعة ولا يحتمل النقد ولا يكتم ما يجول في نفسه من انفعال .
ثانياً : نظريات السمات Traito .
     نحكم دائماً على شخصيات الناس في حياتنا اليومية أحكاماً عامة نخرج بها من انطباعات عامة : فنقول بأن فلان ذو شخصية قوية أو جذابة أو مسيطرة أو مهزوزة . غير أن علم النفس لا ترضيه هذه الانطباعات العامة ولا تعنيه . فهو ينظر إلى الشخص موضوع الدراسة نظرة تحليلية من زوايا مختلفة . هذه الزوايا هي ما تسمى بالسمات أو أبعاد الشخصية . لذا اتجه علماء النفس إلى دراسة سمات الشخصية بإحصائها . السمة بالمعنى العام هي علامة أو صفة فطرية أو مكتسبة تميز الفرد عن غيره من الناس . وهي استعداد عام أو نزعة عامة تطبع سلوك الفرد بطابع خاص وتشكله وتلوثه وتعين نوعه وكيفيته . وهذه السمات تعتبر عند أصحاب نظرية السمات أهم مكونات الشخصية التي تعبر عن ميل الفرد للعمل أو عن السلوك بشكل معين . والسمة غير القدرة . لان القدرة Alility هي استعداد الفرد في مجال معين فهي ما يستطيع الفرد أداؤه وأما السمة فهي أسلوبه المميز في الأداء . وقد تعددت نظريات السمات والقوائم التي أعدها الباحثون والتي تناولت الجوانب التالية : المميزات الجسمية : مثل قوة العضلات وتناسق تقاسيم الجسم ورنة الصوت وطول القامة إلى آخره من هذه المميزات التي تؤثر في تقدير الفرد لذاته وتقدير الغير له بل وفي شعوره وتوافقه الاجتماعي والانفعالي بوجه عام .
المميزات العقلية : وتشمل القدرة والقابلية للتعلم Teachable والتذكر والحكم والفصل في المواقف . ثم القدرة على الاستنتاج المنطقي وما لدى الفرد من ذكاء مهارات وقدرات خاصة بالإضافة إلى فكرة الرد عن نفسه ووجهة نظره وإدراكه للناس والواقع .
المميزات المزاجية : مثل شدة انفعالاته اتزانها أو تقلبها وتناسبها مع مثيراتها . ومدى توافر الحالات الانفعالية ودرجة تغيرها . ومن هذه السمات ما يرتبط ارتباطا وثيقاً بالجهازين العصبي والغدي للفرد ومنها ما ينشأ عن عملية التطبيع الاجتماعي Socaliyation .
المميزات الاجتماعية والخلقية : ما لدى الفرد من عواطف وميول واتجاهات نفسية من صدق أو كذب أمانة أو خداع انطواء أو انبساط عدوان أو استسلام وخنوع مرح أو اكتئاب . وكذلك حساسية الفرد للمشكلات الاجتماعية وموقف الفرد من السلطة وميله إلى السيطرة أو الخضوع .
السمات الأولية والسطحية :
    قد يتساءل البعض عن عدد السمات المختلفة التي تكون الشخصية وهو سؤال عسير . فقوانين اللغة تحتوي على آلاف من أوصاف الشخصية وسماتها ، غير أن كثيراً من هذه السمات غالباً ما يعني أو يكاد يعني نفس الشيء فجميعها مترادفات : قلق خوف رهبة توجس جزع انزعاج اضطراب البال . ومن السمات الأولية التي اتفقت عليها مدرسة تحليل العوامل (مؤسسها سبيرمان) وأكدوا وجودها . السيطرة الخضوع الاتزان الانفعالي الاندفاعية القدرة على الاجتماع بالناس Socinalility والتأمل الفكري ... فالخجل Shynera مثلاً سمة أولية أساسية تصدر عنها سمات سطحية مثل : ميل الفرد إلى أن يتوارى في المناسبات الاجتماعية ... ميله إلى تحديد وتضييق دائرة معارفه بقلة يختارها . وميله للصمت إذا خرج مع جماعة . عزوفه عن الحديث علانية . البعد عن التزعم في النشاط الاجتماعي ، وصعوبة الحديث مع الغرباء .
ثالثاً : نظريات التحليل النفسي :
    صاحبها سيجموند فرويد الذي اعتقد بأن الإنسان يولد مزوداً بطاقة نفسية سماها "الليبيدو" Libido وأن تلك الطاقة النفسية هي التي تكمن وراء السلوك الإنساني وأن موطن هذه الطاقة النفسية هي الذات البدائية أو "الهو" وهي الأساس العقلي للإنسان وأن النزعات التي تحتويها "الهو" نزعات همجية بدائية لا شعورية غير منطقية تتعارض مع مطالب الحياة الاجتماعية . وترى مدرسة التحليل النفسي (فرويد) بأن النفس الإنسانية تقوم على ثلاثة أجهزة تعمل على ثلاثة مستويات هي :
أولاً : "الهو" أو الذات البدائية Id  .
     وهو المقر الأصلي "لليبيدو" ومنبع الطاقة البيولوجية النفسية بأسرها هي مركز النزوات الغريزية وموطن الرغبات المكبوتة . ومخزن النزعات الهمجية الحيوانية وهي المستودع الذي تكمن فيه الدوافع الفطرية البدائية أو كما سماها فرويد الدوافع الصبيانية Lngantile أو الأخلاقية وهي لا شعورية ولو أنها تسمح لمل يكمن فيها دوافع غريزية بدائية أن تطل من آن إلى آخر في الشعور إطلالة سريعة وغالباً ما تكون مخجلة للشخص مفزعة له . وهي تهدف إلى الإشباع والارتواء بأي أسلوب . وتعتبر مدرسة التحليل النفسي أن أهم دوافع الذات البدائية هي دوافع الجنس ودوافع النزوات بكافة ظواهرها الأصلية ومعانيها السيكولوجية
ثانياً : الذات "الأنا" Ego .
    بنمو حواس الطفل وأجهزته العصبية والعضلية وغيرها . وبازدياد خيرة الفرد بالحياة وتفاعله مع الآخرين فيتبلور شعوره بذاته ويدركها متميزة عن العالم الخارجي كما يدرك العالم الخارجي متميزاً عن ذاته . هذا الشعور بالذات هو بداية تكوين الجهاز الثاني من شخصية الفرد هو "الأنا" أو الذات وهو الجزء الشعوري الواعي المتدين المعقول من شخصية الفرد والذي تعرف عنه الكثير عادة . فألانا هي تلك الشخصية التي نعرفها عن أنفسنا ونشعر بها وندركها . هذه الذات تتعامل مع المجتمع والواقع الخارجي مباشرة وتعتبر حلقة الاتصال بين الواقع والذات البدائية والأنا هي التي تشعر بضغط الدوافع الداخلية والنزعات الغريزية وتدرك وجودها وحاجتها إلى الإشباع والارتواء وهي تدرك في نفس الوقت ظروف البيئة الخارجية ومثيراتها وأوضاع المجتمع وما تفرضه الأسرة والمدرسة والسلطة الدينية والوضعية من أنظمة وتشريعات ومبادئ وقيم وأوامر ونواهي ومعايير مثالية للسلوك ذات صلة بالدوافع الفطرية فتجد من حرية إشباعها أو التصدي لإحباط نشاطها إحباطاً تاماً . ومسئولية الأنا هي محاولة التوفيق بين هذه الدوافع من جهة وبين الواقع الخارجي من جهة أخرى .
ثالثاً : الذات العليا أو الرقيب الأعلى Super Ego .
     وهي ما نسميه بالضمير الأخلاقي الذي يحاسب الذات " الأنا" على تصرفاته وأفعاله ويقوم بمراقبة النزعات الهمجية والدوافع الفطرية البدائية غير الاجتماعية في "الهو" أو الذات البدائية فيمنعها من الانطلاق إلى الخارج . والذات العليا أغلبها لا شعورية تشمل الأفكار والمشاعر والاتجاهات والميول السلوكية التي يمتصها الفرد ويتمثلها من والديه ومن المشرفين على تنشئته وتربيته وتعليمه تعني تفاعل الطفل مع أبويه تتبلور في نفسه أوامرها وتعاليمها عن  الخير والشر الصواب والخطأ الحق والباطل . تتبلور جميعها على شكل سلطة داخلية تقوم مقام الوالدين حتى تجعل من نفسه رقيباً على نفسه يرشده إلى ما يجب وما لا يجب عمله ويثنيه أو يؤذيه على كل ما يفعل .
      والذات العليا في واقع الأمر مثلها مثل "الهو" إنما هي استمرار لا شعوري يمتد عن عهد الطفولة فهو ينطوي على الأفكار الأخلاقية التي ظلت تتراكم منذ الطفولة . أفكار تكونت منذ أن كان الصواب والخطأ بالنسبة للطفل مجرد مفاهيم اعتباطية لا عقلية Non- Rational إذ لا يفهم الطفل السبب فيما يفرضه عليه الكبار من ممنوعات . فهو يعلم أن بعض الأعمال المعنية تعتبر أعمالاً سيئة غير مقبولة . فالذات العليا هي ضرب من الضمير اللاشعوري الذي غالباً ما تتعارض معاييره ومقاييسه الصارمة غير المقبولة مع مطالب الضمير الشعوري المستنيرة المقبولة نسبياً والتي تكون عواطفنا الأخلاقية . الذات العليا هي التي تجعلنا نشعر بوخذات الذنب . تخزنا حيث نسلك سلوكاً لا يؤنبنا عليه ضميرنا الواعي . وقد ينشأ عن الذات العليا نوع من التعصب الأعمى المتزمت فتستنكر اللذات الطبيعية العادية عموماً لمجرد أنها لذات سارة ... وهو اتجاه نتيجة الشعور الصبياني الذي يعتبر أن كل ما لا نحب نافع لنا وأن ما نهوى فهو آثم ... هذا الضمير المتزمت ينشأ في بيئة متزمتة شديدة الصرامة والقسوة التي تنشئ الطفل على أساس من النواهي والأوامر والموانع القاسية التي يفرضها الآباء وليس على أساس من تربية الفكر والقلب والنية .
     وهكذا تخضع "الأنا" لقوى ثلاث :
- الدوافع والحاجات والنزوات التي تكمن في الذات البدائية وما تتطلبه من إشباع على أساس مبدأ اللذة واللم ودون اعتبار لمبدأ الواقع .
- الأوضاع الحضارية والاجتماعية الخارجية السائدة والقوانين والمبادئ والسلطات وما تفرضه من أوامر ونواهي تعترض سبيل الدوافع الفطرية وتصطدم مع النزوات التي لا تتفق معها.
- الذات العليا أو الرقيب  الأعلى وما يفرضه من صد وتحريم لإشباع تلك الدوافع والنزوات وتمسك بالقيم التي امتصها خلال التشئة الإجتماعية الأولى. والأنا القوية التي نمت في بعض أو كل وظائفها.. أما النا الضعيفة غير الناضجة فهي التي تتخاذل أمام تعارض تلك القوى فتقع مثلاً تحت سيطرة "الهو" أو الذات البدائية فيسود مبدأ اللذة ويهمل مبدأ الواقع وقيود المجتمع من جهة وما تطلبه الذات العليا أو تفرضه من قيود على السلوك من جهة أخرى. فيلجأ الفرد إلى تحطيم العوائق والقيود بغض النظر عن النتائج.. وهنا يصبح السلوك منحرفاً ويأخذ أشكالاً عدوانية مختلفة.... ومن جهة أخرى قد تخضع الأنا الضعيفة لتأثير الذات العليا فتصبح "الأنا" متزمتة مشلولة عن القيام بوظئفها بما يحقق الحاجات الأساسية وتوازن الشخصية فتقع فريسة للصراع والتوتر والقلق والتأنيب والشعور بالذنب مما يؤلف في مجموعة قوة ضاغطة تكبت الدوافع كبتاً تاماً وتزج به في أعماق اللاشعور منعاً له من الظهور وهذا الكبت في حد ذاته أكبر خطر على الصحة النفسية للفرد وعامل أساسي في ظهور العراض المرضية.
سيكولوجية التوافق Saychology g Adgiatment .
     يحاول الإنسان الوصول إلى حالة من التوازن والتوافق الطبيعي كلما واجه عائقاً يحول دون إشباع دوافعه والفرد السوي يحاول الوصول إلى هذا التوافق عن طريق الوسائل الإيجابية السوية زيادة في نشاط الفرد والعمل على تذليل العوائق أو إزالتها إن كان ذلك لا يتعارض مع القيم السائدة في المجتمع أو بالتحايل مع العائق لتفادي الاصطدام به أو يتغير الهدف نفسه أو اتخاذ بديل للإشباع أو تأجيل الإشباع إذا كان العائق موقتاً.
     هذه كلها طرق مختلفة للتوافق السليم والسلوك السوي . فالأسلوب الناجح في حل الأزمات هو الذي يؤدي إلى إشباع الدوافع والتخلص من حالات الإحباط والتوتر والقلق بصورة ترضي الفرد ولا تتعارض مع المجتمع ومعاييره ولا تضر بالغير .
     أما إذا لم ينجح الفرد في تحقيق توافقه مع هذه السبل وفشلت الطرق المباشرة في التغلب على الإحباط فإن حالة التوتر والقلق الناشئة عن الإحباط تستمر مدة طويلة فتسبب كثيراً من الأم والضيق فيلجأ الفرد إلى أساليب غير مباشرة قد تؤدي بطريقة سلبية إلى خفض حدة التوتر النفسي وآثاره بصورة مؤقتة بالحيل اللاشعورية أو عن طريق الأحلام .
التوافق عن طريق الحيل اللاشعورية
أو الآليات العقلية Mechanioma Of Mind .
     هي أساليب دفاعية أو هروبية لا تستهدف حل الأزمة النفسية بقدر ما ترمي إلى الخلاص من مشاعر التوتر والقلق والوصول إلى قدر من الراحة الوقتية . وهي حيل لا شعورية غير مقصودة تصدر عن الفرد بشكل تلقائي دون أن يسبقها تفكير ، تماماً كتلك العمليات التكيفية أو التعويضية الفسيولوجية التي يلجأ إليها الجسم عندما يحدث اختلال للتوازن لتحقيق العضوي ... وهذه الحيل التي يلجأ إليها الإنسان متعددة متفاوتة ومتشابكة تعمل في أكثر من ميدان وقد تشترك أكثر من عملية في الميدان الواحد بصورة متداخلة تجعل من الصعب تصنيفها ... وفيما يلي أمثلة لبعض الآليات العقلية .
أولاً : الكبت Pepregion .
    والكبت حيلة هروبية تلجأ إليها الأنا لطرد الدوافع والذكريات والأفكار الشعورية المؤلمة أو المحزنة وإكراهها على التراجع إلى اللاشعور . فهو محاولة يبذلها الفرد لإبعاد رغبة لا تتفق وفكرته عن نفسه فيحاول نسيانها وقد تنسى فإذا ما نسبت خرجت من مجال الشعور وأصبحت مكبوتة في اللاشعور وظلت قوية في تأثيرها في سلوك الفرد . وكبت الحوادث والصدمات المؤلمة يعني نسيانها . وأما كبت الدافع فيعني إنكار وجوده والعزوف عن التحدث عنه والعجز عن تذكره وتجنب التفكير فيه والرغبة في عدم مواجهته ورفض الاعتراف به أن يصبح واضحاً في شعورنا . فمن الدوافع ما يؤدي نفوسنا أو يجرح كبريائنا واحترامنا لأنفسنا ويسبب لنا الضيق والألم إن ظل ماثلاً أمام شعورنا ، كشعورنا بالنقص عن عيب فينا أو غيرتنا من منافس نحبه . فالدافع المكبوت هو الذي لا يشعر الفرد بوجوده ويرفض الاعتراف به لنفسه وللناس .
     وهذه الرغبات والنزوات التي يكبتها الفرد تصبح في حظيرة اللاشعور مستقرة بدون حدود زمنية أو مكانية بالمعنى الذي تفهمه الذات الواعية وتظل متحركة فيه لا تموت ، تعمل في الخفاء وتلح جاهدة في الظهور ... وقد يبدو أثرها في السلوك الظاهري بصورة صريحة كفلتات اللسان أو زلات القلم أو في صورة رمزية كالأحلام أو بصورة شاذة كالأمراض النفسية واضطرابات الشخصية .
    ويميز فرويد بين نوعين من الكبت : الكبت الأولي والكبت الثانوي . ويقصد بالكبت الأولي Preinary re Preition إنكار الحقائق المكبوتة إذا ما ظهرت وهذه الظاهرة ملحوظة في العيادات النفسية إذ يسارع المريض إلى إنكار ما قد يكون سبباً من أسباب عدم تكيفه .
    أما الكبت الثانويSecondary Re pereiyion فيقصد به النزعة إلى تجنب المواقف التي قد تعيد إلى الذكرى خبرات مكبوتة غير سارة . فكان للكبت وظيفتين أساسيتين في الحياة النفسية : فهو وسيلة دفاعية وقائية لأنه يقي الفرد مما تصافه نفسه وما يسبب له الضيق والألم وما يتنافى مع مثله الاجتماعية والأخلاقية ، وما يمس احترامه لنفسه . فهو إذن وسيلة لخفض Reduction التوتر النفسي ... وأما الوظيفة الثانية للكبت فهي منع الدوافع الثائرة المحظورة خاصة الدوافع الجنسية والعدوانية من أن تفلت من زمام الفرد وأن تحقق بالعقل بصورة سائرة مباشرة .
     ولا شك أن للكبت آثار ضارة تؤدي إلى انشطار الشخصية إلى شطرين : شطر يعترف وشطر ينكر شطر يريد  وشطر لا يريد شطر يحب وشطر يكره . وهكذا تظل المعركة مستمرة بين الدافع المكبوت والقوى المسببة للكبت التي تعمل على طمسه . وفي ذلك استنزاف للطاقة النفسية مما قد يترتب عليه تعباً جسمانياً مستديماً ليس له أي سبب فسيولوجي ظاهر .
     والغيرة أو العداء المكبوت الذي يظهر بصورة مودة مبالغ فيها هو أحد نتائج الكبت التي تعرف بالتحويل أو الإرجاع العكسي Reaction Formation حيث تظهر النزعة المعارضة للنزعة التي كُتبت بشكل مغالى فيه . فقد يظهر الحب المكبوت بصورة عداء شديدة . فمن مظاهر التحويل العكسي الشائعة الإفراط في الاحتشام كرد فعل لرغبات جنسية قوية مكبوتة .
الكبت  والقمع :
     القمع Suppreation هو الاستبعاد الإرادي المؤقت للدوافع من حيز الشعور أو هو ضبط النفس بمنع الدوافع والانفعالات من التعبير عن نفسها تعبيراً صريحاً كما يمتص الفرد غضبه أمام من يثير انفعاله ... وإما الكبت فهو عملية تلقائية لا شعورية .... في القمع تشعر بالدافع وتعترف به ولا تنساه ... أما في الكبت فلا تشعر بوجود الدافع بل لا تعترف بوجوده ... والشعور المصاحب للقمع هو الشعور بالعيب والعار Shaine بينما الشعور بالعيب والعار يتوقف على خوف الفرد من نقد المجتمع بينما الشعور بالذنب شعور شخصي يشعر به الفرد بينه وبين نفسه .
ثانياً : الخيال أو أحلام اليقظة Fantry Or Dreams .
     إن أحلام اليقظة هي نوع من الشرود الذهني في صورة قصص يرويها الإنسان لنفسه عن نفسه بنفسه . فهي نوع من التفكير لا يتقيد بالواقع بل هي من طرق الفرار من الواقع . حيث تؤدي المخيلة دوراً هاماً في الأحلام لأن عالم الوهم أكثر مرونة من عالم الواقع الصارم ولا يجعل  بالقيود المنطقية والاجتماعية التي تهيمن على التفكير العادي .
    وتستهدف أحلام اليقظة خفض التوتر والقلق الناجم عن حاجات ورغبات يعجز الفرد عن تحقيقها في عالم الواقع فما أسهل تحقيقها في عالم الوهم والخيال . فترى الضعيف  يحكم بالقوة والفقير بالثروة والمظلوم بالبطش. وقد يضع الفرد نفسه بطلاً لرواية يؤلفها وينعم بما ينعم الأبطال المنتصرون... وهكذا تكون أحلام اليقظة حمام أمن للرغبات المكبوتة والحاجات المحبطة... وقد تكون أحلام اليقظة فراراً من الملل والضجر طلباً لتأثيرا عاطفية وإنفعالية لا تجدد بها الحياة الواقعية الصارمة الجامدة.
     وأحلام اليقظة ظاهرة طبيعية عادية لا ضرر منها إن إلتجأ إليها الافرد بمقدار معين.واما إذا كان أتسيراص لها وأسرف في الإلتجاء إليها أدت إلى عجز الفرد عن الانتباع عن الموصول وألى التباس الخيال بالواقع وأن يقنع بها إذ تعفيه من التنفيذ الفعلي لحاجاته ورغباته أو الاحتماء بها كلها واجهته صعوبة أو مشكلة. وأحلام اليقظة نشاط ذهني مشاع في عهد الطفولة ومقتبل الشباب بل وفي عهد الشيخوخة أيضاً.
ثالثاً: التبرير Rationaliy ation
     هو نوع من الآليات العقلية التي ترمي إلى مواراة النزعات الخبيثةعن طريق المغلطة اللاشعورية في الإفصاح عن الدوافع الحقيقية للسلوك. فهي حيلة دفاعية تقي الإنسان من الاعتراف بالدوافع الحقيقية غير المقبولة لهذا السلوك الذي قد يكون فيه تحقير له أو امتهان لذاته مما قد يشعره بالعار والخجل. فقد يفسر الفرد سلوكه بتقديم أعذار تبدو مقنعة ومقبولة لكنها ليست الدوافع الحقيقية لما فعل ولما يفعل ولما سيفعل. فالتبرير يسهل على " الأنا" الذات الواعية قبول السلوك ما دام يستند إلى أسباب منطقية. فكأن وظيفة التبرير إيصال "الأنا" إلى نوع من الراحة الوقتية عن طريق خداعها أو التمويه بها. فقد يبرر التلميذ المتخلف تخلفه بأن المقرر صعب أو الغش في الأمتحان مبرراً بأن الامتحان ليس وسيلة عادلة لاختبار الكفاءات. ونحن نبرر أحياناً عدم ذهابنا للطبيب بكثرة أعمالنا في حين أن الدافع هو الخوف من مواجهة المرض.
     وللتبرير صور عدة: منها إلقاء اللوم على الظروف أو الأفراد... ربنا عاوز كده... ومنها مقارنة الذات بالغير في حالة الخطأ إذ تسود هذه الظاهرة في مجتمعنا ويبدو ذلك جلياً في سهولة إستعمالنا لكلمة"إشمعنى فلان" فما دام فلان قد فعل هذا فلماذا لا افعله أنا. كأن خطأ الغير مبرر كاف لإرتكاب نفس الخطأ. ومنها الاعتذار عن الفشل حيث يعمد الفرد إلى انتقاص قيمة الشئ الذي يرغب فيه ولكنه لا يستطيع إدراكه والوصول إليه تماماً كالثعلب الذي عجز عن بلوغ العنب فاستحخف به وأوعى بانه لا يحب العنب ويسمى هذا الأسلوب من التبرير أو الاعتذار بالعنب الحصرم Sour Grapea  . فهو ضرب من التعزية والتبرير الذي ينطوي على الكثير من الغيرة والحسد فالشئ الذي يتعذر بلوغه وإمتلاكه هو بمثابة حصرم لا خير فيه.
     ويجب التمييز بين التبرير والكذب. ففي الكذب يدرك الفرد الدافع الحقيقي لسلوكه لفشله مثلاً لكنه يتعمد التحريف... فالكذب محاولة متعمدة مقصودة لخداع الغيروليس لخداع الذات... أما التبري فيوافق الفرد بأن ما يقوله هو الحق.. فجوهر التبرير هو خداع الذات.. ومن علامات التبرير التحمس عن إبداء الغدر أو التردد قبل إبداء الغدر. ومن هنا نرى بأن التبرير حيلة يتنصل بها الفرد عن عيوبه ونقائصه لأنه لا يطيق مواجهتها فيلجأ إليها كل مقصر او فاشل أو عاجز.
     وإلاسراف في التبرير يؤدي إلى الهذاء Deluoion وهو إعتقادات باطلة لا تستطيع البراهين الموضوعية تصحيحها وهي من الأعلااض المشتركة بين الأمراض العقلية. والعصابيون يجدون راحة في هذه الحيلة. فالكاتب الفاشل أو الذي أفلس قلمه والذي يكره عمله قد يصاب بتشجنج في يده اليمنى Writer'a Graup الطالب المتعثر بصداع لكي ما يكون موضوع شفقة الناس لا محل للومهم.
رابعاً: الإسقاط Projections
     هو نمط إستجابي دفاعي يتبرأ به الفرد لا شعورياً من دوافعه المستقبحة للمثاليات ويلصقها بغيره من الناس. وعملية الإسقاط شبيهة بإسقاط الصورة من داخل جهاز السينما على الحاجز. فالصورة لا تنتمي في الأصل إلى الحاجز أو الستارة التي اسقطت عليها وإنما تنتمي إلى الجهاز من داخله. هذا وقد ابتكر العالم "رورشاخ"طريقة الاختبارات الإسقاطية لقياس الشخصية وهي تعتمد في أساسها على عرض بعض المثيرات الخارجية (صور) على الفرد موضوع البحث والتي تدفعه لأن يصب فيها مشاعره الداخلية ويسقط عليها أفكاره وانفعالاته المختلفة أي أنه يفسر هذه الصور تفسيراً لا يتفق مع الواقع بل مع ما يتفق وعالمه النفسي الداخلي...
     والإسقاط حيلة تتخذ مظهرين: أولهما أن ننسب عيوبنا وقائصنا ورغباتنا المستكرهة المكبوتة إلى غيرنا من الناس وذلك تنزيهاً لأنفسنا وتخفضاً مما نشعر به من خجل او قلق أو ذنب. فالارتياب في الناس قد يكون إسقاطاً لعدم ثقة الفرد في نفسه. والزعم في أن الناس يكرهوننا قد يكون إسقاطاً لكرهنا لهم. والشعور بأن الناس يراقبوننا كثيراً ما يكون إسقاطاً لعنف رقابة الضمير علينا. وكثيراً ما يكون الاهتمام بفضائح الناس وتصيد أخطائهم نوعاً من الإسقاط، لأن من يشعر بالذنب أن تراءى له أن الآخرين مذنبون أيضاً خف شعوره بالذنب.
     وأما المظهر الثاني للإسقاط فهو لوم الغير من الناس والأشياء والظروف والأقدار أو سوء الطالع ولومهم عل ما نلقاه من صعوبات وما مُنى به من فشل فكثيراً ما كان إغراء المرأة عذراً للرجل. ويختلف الإسقاط عن التبرير في أن التبرير دفاع وإعتذار في حين أن الإسقاط إتهام واعتداء وقذف.
خامساً: التعويض Conpenoation
     هو كل محاولة لا شعورية إخفاء نقص أو التغلب عليه. وكثيراً ما يكون ستراً للنقص لا التماسا للقوة وإصلاح العيب . وقد يطلق التعويض على كل محاولة للتحرر من الشعور بالنقص . لذال قد يعتبر الإسقاط والتبرير وأحلام اليقظة والعدوان على الغير صوراً من التعويض . لكنه تعويض فاشل .... أما التعويض الزائد Orer Comperation  فهو مهاجمة النقص بعنف بما يؤدي إلى تضخم مظاهر التعويض . ويتخذ التعويض الزائد صوراً كثيرة منحرفة منها ، أن يصطنع الفرد ضروباً من السلوك المتكلف أو السخيف طمعاً في جلب انتباه الآخرين إليه أو تقديرهم . والتباهي والتفاخر بأعمال عظيمة . ومن صوره أيضاً أن يغض الفرد من شأن نفسه بأنه "عاجز لا يصلح لشيء" أو أنه "لا فضل على الإطلاق في حسن سير العمل" .
سادساً : التكوص Regreation
    هو تراجع الفرد إلى أساليب طفليه أو بدائية من السلوك والتفكير والانفعال حيث تعترضه مشكلة أو يلتقي بموقف أزم ، فإذا به يستبدل بالطرق المعقولة لحلها أساليب ساذجة فيها تهلهل التفكير وغلبة الانفعال . فترى المناقش الهادئ الرزين يلجأ حين يقُحم إلى الصياح والمكابرة ... ومن مظاهر  التكوص عند الكبار : السب والصراخ والتمارض والغيرة والعناد والبكاء عند مواجهة المشاكل والتحكم في الأهل والأصدقاء . والإسراف في الحنين إلى الماضي "أيام زمان" خاصة عند من كانت أيامهم في طفولتهم تتسم بالأمن والطمأنينة . كذلك شدة القابلية للاستهواء دون تمحيص للأفكار كما يفعل الأطفال قد يكون سلوكاً تكوصاً .
     التكوص غير مقصور على الكبار فقط . فطفل السادسة قد يرجع إلى التبول أللإرادي أو إلى مص أصابعه أو يكثر من العناد والعصيان إن رأى أن أخاه الأصغر قد استأثر بعناية أمه وعطفها من دونه عسى أن يصيبه شيئاً من الحنان المفقود .
سابعاً : التقمص Identigocation .
     التقمص عملية يمتص فيها الفرد الصفات المحببة إلى النفس التي يرجو أن تكون مكلة له في شخصية يحبها ويحاول أن يتخذها مثلاً له ويتم ذلك لا شعورياً . فهو حيلة لا شعورية دفاعية تعمل على خفض التوتر النفسي وإشباع الدوافع المحيطة عن طريق اندماج الفرد لا شعورياً في شخصية آخر أو في شخصية جماعة نجحت في تحقيق الأهداف التي فشل الفرد في تحقيقها أو التحلي ببعض الصفات أو الخصائص التي يتحلى بها غيره ... فنحن عندما يحبط دافع من دوافعنا فإننا نجد بعض الرضا بتقمصنا في الخيال فرداً يبدو لنا في جانب من الخصائص التي تتوق إليها . وتعطى مدرسة التحليل النفس أهمية كبرى لعملية التقمص في تكوين الضمير ونشأته فعندما تندمج شخصية فرد في آخر اندماجا كلياً فإذا به يحس بإحساسه ويفكر بعقله ويعبر عن رغباته ... فالتقمص توحد في الأفكار والمشاعر والرغبات والمعتقدات . وهو يبدأ بتقليد الفرد في حركاته كلامه طريقة المشي وفي نبرات صوته بل حتى في لزماته ... وفي بعض الأحيان يكون التقمص ضاراً عندما يترتب عليه وإعاقة النمو الطبيعي للفرد . كالطفل الذي فقد والده في طفولته وقامت والدته بتربيته فتقمص شخصيتها واكتسب نتيجة لذلك الكثير من صفاتها الأنثوية .
ثامناً : الخلقة أو السلبية Negatinim .
     حيل من الحيل الهروبية تستهدف الاعتداد بالذات وحمايتها من الضغط . ويظهر بصورة عناد ومقاومة ومعارضة لأراء الغير وتمرد ورفض لأي تعليمات أو إيحاء اجتماعي . فيلجأ إليها الفرد كرد فعل انتقامي ضد الظلم والمعاملة السيئة التي قد تلقاها من الغير أو الإهمال أو النبذ وعدم التقدير . فهي نتيجة لحاجة الفرد لإثبات شخصيته وجذب الانتباه إليه وتحقيق أهدافه .. ويظهر بين الأطفال لإثبات شخصيتهم أمام قوة أبائهم وإسرافهم في تأنيبهم وعقابهم . وقد تمتد في حياة الفرد وتصبح سمة من سمات شخصيته تميز علاقاته فيما بعد مع كل شخص ذي نفوذ أو سلطة كالمدرس أو رئيس العمل فيرفض أوامره وتوجيهاته والتعاون معه .
     ليست هذه الحيلة قاصرة على الأطفال . ولكنها شائعة بين الكبار أيضاً بدرجات متفاوتة . أقلها ما تعرفه عن تصلب الرأي Rigidity حيث يحتد الفرد بآرائه ويتمسك بها ولا يتزحزح عنها حتى ولو كان في قراره نفسه غير مقتنع بها.. أما حالاتها القصوى فتتمثل في مرض الذهان الذين يقضي الواحد منهم الأعوام في صمت لا يتكلم ... وبين الدرجتين تقع حالات متدرجة من السلبية أو التمتعية تجاه وضع من أوضاع البيئة الاجتماعية وقد يمتد الأثر إلى الوظائف البيولوجية للجسم فيتعسر الهضم أو يصاب الفرد بالإمساك المزمن .
    وتنشأ الخلقة من تصارع نزعتين متضاربتين إحداهما عدوانية أو استعلائية تستهدف إثبات الذات وتأكيدها  Self Anetion واستغلال الشخصية . والأخرى خضوعي تستهدف الانقياد لمطالب الغير والامتثال لأوامره وسيطرته . هذه النزعة الخضوعية هي غالباً أكثر تمكناً وأكثر فاعلية من النزعة العدوانية ... ولا يتفق هذا مع دافع الاستغلال بطبيعة الحال ولا مع حرية السلوك والاختيار فيعمد الفرد إلى قمع ميله الخضوعي وتدعيم فرديته واستقلاله عن طريق التعصب للرأي أو العناد والصرامة في الإسراف في معارضة الغير لإثبات وجوده وإبراز شخصيته وإخفاء نزعته الخضوعية ... وقد يدعم استجابات الخلقة عامل اقتصاد الشعور بالأمن نتيجة الشعور أو الحرمان بالنبذ وافتقار الفرد إلى فلسفة أو هدف للحياة مما يؤدي إلى افتقار الفرد الشعور بشخصيته وفرديته فيلجأ إلى إثبات وجوده بالعدوان والمقاومة والعناد والمعارضة وغير ذلك لاكتساب خصائص إيجابية تميز شخصيته وتوفق بين نزعتيه وتجمع بين الاستقلال بشخصيته والتكامل مع المجتمع .

سيكولوجية الأعمار
من الطفولة إلى الشيخوخة .
أهمية النمو وتعريفه :
    تقوم الدعائم الجوهرية لحياة الإنسان البالغ الراشد على خواص طفولته المبكرة . إذ فيها يتكون الضمير أو الوازع الخلقي من علاقة الطفل بأبيه . وفيها تتكون أغلب الاتجاهات النفسية التي تهيمن بعد ذلك على الأنا أو الذات الشعورية للفرد تكيفاً عميقاً قوياً يستمر يؤثر في مقومات حياته طوال  صباه ورشده وشيخوخته .
    لذلك يهتم علم النفس النمائي "النمو" Developemwnt Pay بدراسة سلوك الفرد في تطوره ونضجه والمدى الزمني لهذا النضج . ومدى تأثير هذا التغير في النواحي الجسمية والنفسية والاجتماعية . كذلك دراسة مراحل السلوك وتطورها من حيث استطراد النمو أو التوقف عنه Aireat Of Development . وقد اشتمل علم النفس النمو علي دراسة الميادين التالية :
سيكولوجية الطفولة وسيكولوجية المراهقة وسيكولوجية الرشد والشيخوخة .
سيكولوجية الأعمار :
     يسير الطفل في نموه في مراحل مختلفة كل مرحلة منها لها خصائصها التي تتميز بها ووجود هذه الخصائص يحتم على القائمين على عملية التربية من آباء ومدرسين أن يجعلوا معاملتهم للطفل ملائمة لها أي لكل مرحلة ... والنمو عملية مستمرة متدرجة في زيادتها ونقصانها ولا تخضع في جوهرها للطفرات المفاجئة . وبذلك لا ينتقل الطفل من طور إلى آخر انتقالاً مباشراً .. فهو لا يراهق بين عشية وضحاها . وتخضع أطوار النمو لتتابع منتظم وتألق مظاهره في سلم متعاقب بدرجات لا تتقدم فيه خطوة على أخرى . فالطفل يقعد قبل أن يحبو ويحبو قبل أن يقف ويقف قبل أن يمشي ويناغي قبل أن يتكلم ويجيد رسم المنحنيات قبل أن يجيد رسم الخطوات المستقيمة .
    وهكذا يسير النمو بكل مظهر من هذه المظاهر في خطوات متلاحقة متتابعة بحيث تعتمد كل خطوة من هذه الخطوات على التي سبقتها وتمهد الطريق إلى ظهور الخطوة التي ستليها . ولكل خطوة  من هذه الخطوات مداها وسرعتها وحدودها . فهي تبدأ في فترة خاصة من حياة الطفل وتتطور بسرعة مرسومة وتقف عند حد معلوم ويميزها عن الخطوة التي ستليها ، كما بدأت من حد يميزها عن الخطوة التي سبقتها . ولكنها لا تنفصل في بدئها ونهايتها انفصالاً تاماً عن المظاهر الأخرى ... بل تتداخل مظاهرها في تتابع متدرج متطور في مسلكه واتجاهه .
    وهي على الرغم من هذا الاستمرار والتداخل تقسم عادة على مراحل ليسهل على الباحث دراستها وبحثها كما تقسم السنة على فصول رغم تداخلها ... فلا تحاول التعجيل بالنمو إذ أن هذا غير ممكن . ولا نفرض خصائص مرحلة على مرحلة أخرى بمعنى أن نفخ الرجولة في الأطفال هو ضرب من العبث .
     هذا وتختلف الأسس التي تبنى عليها مراحل النمو باختلاف الأهداف التي يرمى إليها الباحث وجدانه وباختلاف فائدة هذه الأقسام في الحياة ووظيفتها في التنظيم العلمي .
ومن أهم أسس التقسيم ما يلي :
أولاً : الأساس الغدي العضوي :
     فهناك غدتان تعرفان بغدتي الطفولة وهما الغدة التيموسية Thymind وتقع فوق القلب والغدة الصنوبرية Pineal Gland وتقع في الدماغ خلف الغدة النخامية . وتسميان غدتي الطفولة لأنهما تضمران عادة قبل البلوغ وإذا لم يحدث هذا الضمور يبقى الفرد رغم نموه كالطفل في سلوكه وموقفه ويعيش ضعيف الإرادة بطئ التفكير . ويكمن نشاط الغدد التناسلية في الطفولة وتنشط في المراهقة وتصل لاكتمالها عند البلوغ ثم تضعف في الشيخوخة ويتخفف الفرد من حدة دوافعه الجنسية .
     وهكذا يقسم المهتمون بهذه المظاهر العضوية مدى الحياة الفرد إلى طفولة مراهقة رشد وشيخوخة .. وبذلك تتعاقب أطوار الحياة في المراحل التالية :
1-مرحلة ما قبل الميلاد ومدتها 280 يوماً تقريباً تبدأ بالبويضة الملقحة وتنتهي بالولادة .
2- مرحلة المهد وهي من الولادة حتى نهاية الأسبوع الثاني .
3- مرحلة الرضاعة وتبدأ من نهاية الأسبوع الثاني حتى نهاية السنة الثانية .
4- مرحلة الطفولة المبكرة وتمتد من نهاية السنة الثانية إلى نهاية السادسة.
5- مرحلة الطفولة المتأخرة وتبدأ من 6 إلى 10 سنوات بالنسبة للإناث ومن 6 إلى 12 سنة للذكور .
6- مرحلة البلوغ أو ما قبل المراهقة من 12 – 13 بنات ومن 12 إلى 14 سنة أولاد وتمتد إلى 20 سنة .
7- المراهقة وتبدأ من 13 إلى 17 سنة بنات ومن 14 إلى 17 سنة أولاد وتمتد إلى 20 سنة .
8- مرحلة الرشد واكتمال النضوج من 21 – 60 سنة .
9- مرحلة وسط العمر من 40 – 60 سنة .
10- مرحلة الشيخوخة من 60 سنة حتى نهاية العمر .
    وتؤكد مرة أخرى بأن هذه المراحل ليست منفصل تماماً ولكنها متداخلة متصلة . وأن الأعمار التي تحدد بدأ ونهاية كل مرحلة ما هي جوهرها إلا متوسطات عادية تخضع في جوهرها للفروق الفردية Linddividual Differenced القائمة بين الأفراد وتتباين تبعاً لاختلاف البيئات الجغرافية والاجتماعية .
ثانياً  : الأساس التربوي .
    يقسم المهتمون بالعملية التربوية دورة النمو إلى مراحل تربوية تعليمية تساير النظم الدراسية القائمة وبذلك يمكن تقسمها إلى المراحل التالية :
1- مرحلة ما قبل المدرسة وتقابل سنى المهد والطفولة المبكرة .
2 - مرحلة المدرسة الابتدائية وتقابل الطفولة المتوسطة .
3- مرحلة المدرسة الإعدادية وتقابل الطفولة المتأخرة والبلوغ .
4- مرحلة المدرسة الثانوية وتقابل المراهقة المبكرة .
5- مرحلة التعليم الجامعي وتقابل المراهقة المتأخرة والرشد .
ثالثاً : الأساس الاجتماعي :
    يقوم التقسيم الاجتماعي لمراحل النمو على دراسة تطور علاقات الطفل ببيئته المحيطة به وعلى مدى إشباع دائرة العلاقات . وتبدو سعة هذه الدائرة الاجتماعية في لعب الأطفال . ولذلك يقسم المهتمون بدراسة اللعب حياة الفرد إلى مراحل تخضع في جوهرها للتطور النفسي الاجتماعي لهذا اللعب .
هذا وتتلخص هذه الأقسام في المراحل التالية :
1- مرحلة اللعب الانعزالي : وذلك حينما يلعب الطفل وحده بحيث لا يشاركه أحد في ألعابه .
2- مرحلة اللعب الانفرادي : وذلك حينما يلعب الطفل مع الآخرين ولكنه يحتفظ بفردية تميزه عن زملائه .
3- مرحلة الجماعي : وذلك حينما يتفاعل الطفل تفاعلاً اجتماعياً Social Intereraetion صحيحاً فيؤكد روح الجماعة قبل أن يؤكد فرديته مثل فريق كرة القدم .
أولاً : مرحلة الطفولة المبكرة "ما قبل المدرسة" Preathooler .
     تتميز هذه المرحلة بالحركة واللعب وإجراء التجارب على الأشياء المحيطة بالطفل وذلك لأن العالم جديد بالنسبة للطفل . فهو يميل إلى فهمه بالتجربة الشخصية بما يسميه الكبار أحياناً تخريباً أو تدميراً أو لعباً . فعن طريق هذا اللعب يكتسب مهارة ويصبح أكثر ثقة مع البيئة المادية فحسب بل يتعداها إلى الأشخاص من سلطة وزملاء "نمو اجتماعي" وهو بذلك يفهم غيره ويفهم نفسه . ويبدأ الطفل في تكوين فكرة عن ذاته أو فكرة الفردية والنا أو الفردية لا تنمو إلا بالتعامل مع البيئة . والطفل عن طريق التقليد وتقمصه للسلطة المحيطة ، وتجريبه هذه السلطة على الخارج يتضح رأيه في نفسه وفي غيره .
     وفيما يتصل بالمظاهر الأولى للنمو الاجتماعي يعتقد علماء التحليل النفسي وعلى رأسهم فرويد Firuid بأن الأنا الشعورية مركب اجتماعي يكتسبه الطفل في علاقته ببيئته الاجتماعية المادية ، وبأن الضمير أو الأنا الأعلى مركب اجتماعي أخر يكتسبه الطفل من مظاهر السلطة القائمة في أسرته وخاصة من أبيه ، وبأن السنوات الأولى من حياة الفرد هي الدعامة الأساسية التي تقوم عليها بعد ذلك حياته النفسية الاجتماعية بجميع مظاهرها .
     وطفل هذه المرحلة شديد التقليد كثير اللعب الابهامي أو التمثيلي الذي قد يساعده على أن يعوض ما ينقصه في الواقع إذ يحيا الطفل في عالم يسيطر عليه الكبار بأساليبهم وطرقهم فيستعين بخياله ليتخفف من مظاهر هذا الضغط فيتجاوز بخياله حدود الزمان والمكان والواقع والمنطق ويضفي على بيئته ألواناً سحرية غريبة تساير مظاهر نموه وآماله وأحلامه . وهو يحب في طفولته المغامرات والمخاطرات ، فإن لم يجد لها إشباعا في بيئته فأنه يمضي إلى إشباعها في أحلام يقظته وضروب خياله المختلفة .
     فقد يرى في العروسة الصغيرة ألواناً من الحياة لا يراها الكبار ولا يحسونها . فيناجيها مناجاة الرفيق للرفيق . ويشتكي لها وقد يثور عليها غاضباً كما يثور عليه الكبار أحياناً . وهو بذلك ينفس بخياله هذا عما يلاقي من ضغط عليه . وقد يرى في القمر وجهاً ضاحكاً أحياناً وعابساً أحياناً أخرى . ويرى في العصاة جواداً يمتطيه ذهابا وإبابا .
     وهو قد يكذب أحيانا لأنه ينزع بفيض من الخيال وهو يسمى بالكذب الخيالي fantaotie or playlul or lmaginatuie lie .وهو يبالغ أيضا في أحاديثه وفى تصويره للأمور المختلفة ليؤثر فيمن حوله وليؤكد ذاته ليرى أثار صناعته (السرح) تنعكس على اساير الناس . وليستمتع بألوان جديدة من الخيال الذي توحيه هذه التعبيرات التي تبدو على أوجه الناس هذا النوع من كذب الأطفال يسمى بكذب الادعاء أو المبالغة Lie Of Exaggeration بالإضافة إلى أنواع أخرى من كذب الأطفال مثل كذب التقليد أو الكذب العنادي والكذب المرضي Pothological ثم الكذب الدفاعي وهو أكثرها شيوعاً بين الأطفال والراشدين .
     ومن الصفات المميزة لانفعالات هذه المرحلة نجد أنه عنيف في انفعالاته كثير المخاوف . ومثيرات الخوف عند طفل هذه المرحلة تتلخص في الخوف من الخبرات الماضية المؤلمة مثل علاج الأطباء والأشياء الغريبة كالحيوانات التي لم يألفها من قبل والخوف من يخشاه الكبار إذ يقلد أهله في خوفهم من الظلام والعفاريت مثلاً . أي أن الطفل يخضع في مخاوفه لأنماط الثقافة التي تهيمن على بيئته وتؤثر فيها .
    وهو أيضاً شديد الغيرة إذ تظهر الغيرة عن طريق المصادفة أو عن طريق التنشيط المقصود من الكبار المهيمنيين عليهم . ومن الموازنة الصريحة أو الضمنية ويقصد بالموازنة الضمنية أن الجو نفسه يوحى بالموازنة وبتفضيل واحد على آخر . وأقسى أنواع الغيرة هو ما ينشأ عن الشعور بالنقص .
     وانفعالات طفل هذه المرحلة قصيرة المدى أنها تبدو بسرعة وتنتهي بنفس السرعة التي بدأت بها . وهي كثيرة لا حد لها . متحولة المظهر حيث لا يستقر الطفل في انفعالاته على لون واحد فهو سرعان ما يضحك ويبكي فقد تشرق أسادير وجهه بالسرور والسعادة وفي عينيه دموع البكاء . وهي حادة في شدتها حيث لا يميز الطفل في ثورته الانفعالية بين الأمور التافهة والأمور المهمة . فهو يبكي في حدة حينما تمنعه من الخروج وأيضاً يبكي بشدة حينما تقص له أمه أظافره ويفرح بشدة حينما تقدم له قطعة من الحلوى ويفرح بنفس القوة حين تشتري له دراجة جديدة .
    ويجب أن تكون معاملتنا لطفل هذه المرحلة ثابتة لا تتذبذب فيها إذ أن التذبذب في المعاملة يوقع الطفل في حيرة وارتباك . فلا يجوز مثلاً أن نشجع الطفل إذا اعتدى على غريب بالضرب أو الشتم ثم ننتهره ونعاقبه إذا اعتدى على ذويه من أخوة أو أقارب . إذ يجب أن يتعلم الطفل المبدأ أولاً وقبل كل شيء فالمعاملة الثابتة توقف الطفل على ما يجب عليه أن يفعله .وما يجب عليه الكف عنه . وثبوت المعاملة هنا من العوامل التب تؤدي إلى تكوين الفردية Individuality بنجاح وسرعة .
     ونلاحظ أن طفل هذه المرحلة لا يحب الحرية المطلقة لأنه يميل إلى الاسترشاد لأنه يريد أن يعر ف من وقت إلى آخر .. حدوده .. وما يراد منه عمله ويريد أن يكون متأكداً من سلوكه ما إذا كان يوافقه عليه الغير أم لا . ومن هنا تنشأ عند الفرد الحاجة إلى عامل موجه أو سلطة ضابطة . فيجب على الأباء أن يعيشوا مع أبنائهم في جو من الحرية الخالية من الفوضى وفي جو من النظام الخالي من التزمت والضيق وفي جو من العطف في غير ضعف والحزم في غير عنف وبالجملة في جو يشعر فيه بالتقدير والطمأنينة .
ومن الناحية العقلية :
     نراه كثير الأسئلة الدالة على تعطش إلى المعرفة والكشف أحياناً على ما وراءها من خوف وقلق . وقد تصطبغ أسئلة الأطفال في بدء قدرتهم على الحديث بصبغة إنفعالية عاطفية تدور حول رغباتهم وحول الأمور والنواهي التي تصدر إليهم . وهي تهدف في بداية هذه المرحلة إلى معرفة الاشياء والصور التي تثير انتباههم . ثم تتطور إلى فهم المواقف التي يمرون بها . وقد يكثر طفل هذه المرحلة من الاسئلة يعلم هو نفسه إجابتها لمجرد اللهو اللفظي أو إلى تأكيد معلوماته أو إلى جذب الانتباه إليه بقصد تأكيد الذات .
النمو الخلقي والديني عند الطفل :
    الخلق مركب اجتماعي مكتسب والسلوك الديني في الطفولة مظهر من مظاهر النمو الخلقي للفرد . فعندما يتصل بأبيه وأمه وبالأسرة التي تحتويه يدرك ما حوله ويدرك نفسه عندما يدرك ما حوله . وبذلك تتكون الأنا أو النفس الواعية وعندما تتصل الأنا بسلطة الأب وتمتص هذه السلطة في أوامرها ونواهيها ، يتكون الضمير الأخلاقي أو الحاسة الخلقية Moral aenea . وبذلك ترجع فكرة الطفل عن الذنب والغفران والتوبة والخير والشر والصواب والخطأ إلى الطريقة التي كان يعامله بها أبوه وإلى الحدود التي كان يقيمها له وإلى المعايير التي يفرضها على مظاهر سلوكه .
تمثل الطفل لفكرة الله :
تأليه الأب divinioation .
    يرى بوفيه Bovet أن فكرة الطفل عن أبيه تطابق فكرة الله كما وردت في اللاهوت الاصيل . فالطفل ينسب إلى الأب الكمالات نفسها التي يفترضها اللاهوت في الله : القدرة المطلقة ، العلم المطلق ، الخير المطلق (الكمال الخلقي) ويرى بوفيه أن الطفل يصل إلى ذلك التصور للأب من تلقاء نفسه ويدون تلقين من أحد بل بدون إستدلال منطقي . فالطفل حتى الثالثة أو الرابعة من عمره يعلم أن أباه قادر على كل شيء ولا يخطر ببال الطفل أن أباه يجهل أمراً ما . ولذلك يسأله ويلح في التساؤل حتى إذا قال الأب "لا أعرف" غضب أشد الغضب لأن " لا أعرف" معناها لديه " لا أريد" . وتأليه الأب هو إتجاه نفسي تلقائي لابد منه . وتمهيد طبيعي أيضاً للشعور الديني نحو الله . ويبقي الطفل على تشبثه باعتقاده بألوهية الأب حتى بعد أن يألف الاستماع إلى أسم "الله" . وعلى الرغم من الصفات الطيبة التي يخلعها المربون عليه كي يجتذبوا اهتمام الطفل به . فهو لا يتحول بسهولة عن موقف الخضوع الأخلاقي لأبيه ، أما ذلك إلا لأن تأليه الأب ليس مجرد اعتقاد نظري أو تصور ذهني ... إنما هو إتجاه نغسي برمته هو تنظيم للحياة الوجدانية كلها حول "نواة" هي فكرة الأب . ولا يتحول الطفل عن ذلك الاعتقاد نتيجة تلقين أو امتناع عقلي . وأنما يتم ذلك التحول بعد عملية تطور تلقائي . وأن أي مساس بهذا الاعتقاد قبل أن تتهيأ النفس للتخلي عنه تهتز له كيان النفس الطفلية .
تداعي ألوهية الأب .
     يكتضف الطفل مع نحوادراكه للواقع واتساع علاقاته أن لقدرة والديه حدوداً وفي علمها ثغرات . أما وقد أصبح يرى أن من الحوادث ما لا دخل للإرادة الأبوية فيه (بل ما يتم بالرغم منه) فطبيعي أن تنحسر موجة التفكير الطفلي الذي يتصور أن إرادة الإنسان مركز الكون Anthropocentrion . حينئذ لا تصبح إرادة الأب كافية لتفسير كل ما يحدث ، وخاصة وأن الأب ذاته يؤكد ... مسلكاً وقولاً .. أن ثمة كائناً أقوى منه واكثر منه قدرة على الإنعام بالخيرات أو الابتلاء بالأذى ... هناك يساور الطفل الشك في كمال أبيه المطلق (أي في ألوهيته ) وحيث أن الأب مركز عالم الطفل ودعامة حياته الوجدانية فطبيعي أن يؤدي ذلك إلى أزمة نفسية تختلف طولاً وحدة باختلاف طبائع الأطفال ونوع علاقاتهم الوجدانية بالوالدين . ومن المؤكد أن هذه الأزمة تحدث حوالي السنة الرابعة من العمر وقد تدوم مع الهدوء التدريجي إلى ما قبل السنة السابعة من العمر . على أن حادثاُ معيناً يكشف للطفل على نحو نهائي نقص الأب وعجزه أمام قوة عليا . حادثاً يبدو أنه نقطة تحول وانتقال فجائي عن الدين الأبوي إلى الدين الألهي . والتغير ليس تغيراً في رأي أو عقيدة أو شعور بسيط . بل هو شيء أعمق من ذلك : هو تنظيم جديد للحياة النفسية برمتها . تفكك "للذات النفسية" إن صح هذا التعبير من حول "نواة" هي الأب و "تبلور" جديد لها حول "نواة" أصلح للتطور الجديد هي "الأب السماوي" .
الله الأب الكامل :
     والطفل إذ "يتقبل" فكرة الله لا يقرن بها معاني جديدة وأنما يخلع ما كان يخلعه على أبيه من صفات الكمال . والانتقال ليس انتقالاً من الإيمان بالأب إلى الإيمان بالخالق بالرب  الأول او بالعلة الأولى ... إنما هو انتقال من الإيمان بألوهية الأب إلى الإيمان بأبوة الله ... فالطفل ينسب إلى الله الكمالات التي كان ينسبها إلى الأب . علماً بأن هذه الكمالات لم يستمدها من تلقين أو توجيه خارجي ، ولكنه تصورها في الأب على نحو تلقائي دون أن يصوغها في شكل معتقدات شعورية محددة .
 
   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق